الرئيسية تفاسيرالكتاب المقدس تفسير الاصحاح الأول من إنجيل لوقا من عدد 18 إلي 21

تفسير الاصحاح الأول من إنجيل لوقا من عدد 18 إلي 21

بواسطة Alber Awadallah
87 الآراء

١٨ «فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاَكِ: كَيْفَ أَعْلَمُ هٰذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَٱمْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟».

(تكوين ١٧: ١٧)

كَيْفَ أَعْلَمُ هٰذَا أي ما العلامة التي تبين لي صدق وعدك. ويظهر من هذا أن زكريا كان في ريب من قول الملاك. ويوضح ذلك جواب الملاك له والقصاص الذي وقع عليه فإنه نظر بعين الجسد إلى الموانع من إتمام ذلك الوعد ولم ينظر بعين الإيمان إلى قوة الله. وكان يجب عليه أن يتيقن وعد الله على يد الملاك بلا طلب علامة ظاهرة. نعم إنّ إبراهيم سأل الله علامة ولكنه سأله بالإيمان ولذلك لم يلمه (تكوين ١٥: ٦ و٨ ورومية ٤: ١٩). وكذلك طلب جدعون وحزقيا (قضاة ٦: ١٧ و٣٦ و٣٧ و٣٩ و٢ملوك ٢٠: ٨) والله لم يلمهما. وأعطى الله موسى علامات لصدق قوله من دون طلبه (خروج ٤: ٢ – ٤ و٦ و٧). فالذي جعل طلب زكريا خطيئة ما عراه من الشك.

لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ الخ هذا يدل على أنه شك في كلام الله عينه لا في كون المُرسل ملاك الله.

عيّنت الشريعة الموسوية أن لا يخدم اللاويون بعد سن الخسمين (عدد ٤: ٣ و٨: ٢٤). ولكنها لم تقع على الكهنة مثل زكريا. فمهما طعن في السن فما كان يقتضي أن يشك في صدق وعد الله بأن يكون له ولد إذ كان يستطيع أن يذكر أن إبراهيم وُلد له إسحاق وهو شيخ وامرأته عقيم ومثل ذلك كان والدا شمشون.

سأل الله زكريا ولداً (ع ١٣) ثم سأله بركة لم يصدق أنها ممكنة النوال لما وُعد بها.

١٩ «فَأَجَابَ ٱلْمَلاَكُ: أَنَا جِبْرَائِيلُ ٱلْوَاقِفُ قُدَّامَ ٱللّٰهِ، وَأُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهٰذَا».

(دانيال ٨: ١٦ و٩: ٢١ و٢٢ و٢٣ ومتّى ١٨: ١٠ وعبرانيين ١: ١٤)

أَنَا جِبْرَائِيلُ أي جبار الله. كان زكريا متعلماً العهد القديم فعرف حالاً من اسمه أنه هو الملاك الذي ظهر لدانيال من ٤٩٠ سنة قبل ذلك وأنبأه بالسبعين أسبوعاً وبمجيء المسيح وبأنه «يُقطَع» (دانيال ٨: ١٦ و٩: ٢١ و٢٤ – ٢٦). ولم يذكر في الكتاب المقدس من أسماء الملائكة سوى جبرائيل وميخائيل (دانيال ١٠: ٢١ و١٢: ١) وذكر جبرائيل غالباً بشيراً أي منبئاً بالأخبار السارة (دانيال ٨: ١٥ – ١٨ و٩: ٢١ – ٢٣ ولوقا ١: ٢٦ – ٢٩). وذكر ميخائيل غالباً يجري الأحكام الإلهية (دانيال ١٢: ١ ويهوذا ٩ ورؤيا ١٢: ٧).

ٱلْوَاقِفُ قُدَّامَ ٱللّٰه هذا مجاز مبني على عوائد دار الملك وذلك أن بعض خدمه يقفون أمامه وهم أعلى شرفاً ورتبة عند الملك من سائر خدمه (متّى ١٨: ١٠ وإشعياء ٦٣: ٩). وظن البعض أن ملائكة الحضرة سبعة بناء على قول صاحب الرؤيا «وَرَأَيْتُ ٱلسَّبْعَةَ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ يَقِفُونَ أَمَامَ ٱللّٰهِ» (رؤيا ٨: ٢).

أُرْسِلْتُ هذا موافق لمعنى الملاك وهو رسول أو مرسل. وقال ذلك بياناً أنه لم يأت من تلقاء نفسه بل بأمر الله وإظهاراً لأهمية أنبائه وصدقه. وهو الملاك الذي ظهر لمريم بعد ذلك (ع ٢٦). وكون هذا الملاك مرسلاً من الله من أشرف الملائكة عظّم خطية زكريا بشكه في كلامه.

وَأُبَشِّرَكَ كان الإنباء بميلاد يوحنا جزءاً من الإنجيل كما أن الفجر جزء من النهار.

٢٠ «وَهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتاً وَلاَ تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي يَكُونُ فِيهِ هٰذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي ٱلَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ».

(حزقيال ٣: ٢٦ و٢٤: ٢٧)

صَامِتاً أي أخرس والأرجح أنه طرش أيضاً لأنه غلب أن يصحب الطرش الخرس. ويؤكد ذلك ما ذُكر في ع ٦٢ من أن الناس حين أرادوا أن يسألوه بماذا يريد أن يسمي ابنه أومأوا إليه ولم يكلموه لفظاً كما كان لو بقي يسمع. وكان ذلك من تأديب الله له لإهانته إياه تعالى بعدم إيمانه بصدق رسوله. فعوقب على خطاء شفتيه بأن خُتم عليهما مدة. وكان أيضاً علامة له إجابة لقوله «كيف أعلم هذا» واختار الله له هذه العلامة التي هي من صنوف القصاص تأديباً له على عدم إيمانه بنوال ما طلبه.

فلو عاقب الله الناس الذين شكوا في قدرته على الوفاء بمواعيده وإرادته ذلك وأعلنوا شكوكهم بأفواههم بما عاقب به زكريا فما كان أكثر البكم في هذه الأرض. وعدم إجراء الله هذا القصاص اليوم ليس بدليل على أنه لا يغتاظ من كل فكر وكلمة من أفكار الشك وكلماته (عبرانيين ٣: ١٢ و١٩).

إِلَى ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي يَكُونُ فِيهِ هٰذَا اليوم هنا الوقت التقريبي لا يوم ميلاد يوحنا عينه لأنه بقي أخرس إلى اليوم الثامن بعد ذلك الميلاد.

لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ بيّن الملاك جلياً أن خطية زكريا ليست طلبه العلامة بل شكه الذي حمله على ذلك الطلب.

كَلاَمِي ٱلَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ أي كل ما قاله الملاك يجري في حينه على الترتيب من ولادة يوحنا وتسميته وتربيته ونذره ووظيفته ونجاح عمله.

٢١ «وَكَانَ ٱلشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا وَمُتَعجِّبِينَ مِنْ إِبْطَائِهِ فِي ٱلْهَيْكَلِ».

يظهر من هذه الآية أن الكاهن الذي يبخر في القدس لم يكن يبقى هناك إلا وقتاً قصيراً للقيام بخدمته وأن الشعب يتوقع رجوعه قبل الانصراف وأن زكريا أبطأ أكثر من مقتضى العادة في ذلك المكان فتعجب الناس لجهلهم علّة إبطائه.

ــــداء النــرجـاء

إيمــــــانــي

You may also like